الشيخ عبد الباري بن محمد خلة | مقالات | معاملة الزوج زوجته بالمعروف

اليوم : الجمعة 24 شوَّال 1445 هـ – 03 مايو 2024م
ابحث في الموقع

معاملة الزوج زوجته بالمعروف

الحمد لله وكفى وسلام على عباده الذين اصطفى وبعد:

فيقول الله تعالى: وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللّهُ عَزِيزٌ حَكُيمٌ. البقرة228.

ويقول الله تعالى: {وعاشروهن بالمعروف} النساء:19

وحقوق الزوجة على زوجها كثيرة أهمها:

1.المهر لقول الله تعالى: {وَآتُواْ النَّسَاء صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِن طِبْنَ لَكُمْ عَن شَيْءٍ مِّنْهُ نَفْساً فَكُلُوهُ هَنِيئاً مَّرِيئاً } النساء4

 فلا يجوز للزوج ولا لغيره أن يأخذ من مهرها شيئاً إلا برضاها.

2. الإنفاق عليها سواء نفقة الطعام أو الكسوة، أو العلاج أو السكن لقول الله تعالى:

وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلاَدَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَن يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ وَعلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ لاَ تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلاَّ وُسْعَهَا لاَ تُضَآرَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا وَلاَ مَوْلُودٌ لَّهُ بِوَلَدِهِ وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ فَإِنْ أَرَادَا فِصَالاً عَن تَرَاضٍ مِّنْهُمَا وَتَشَاوُرٍ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا وَإِنْ أَرَدتُّمْ أَن تَسْتَرْضِعُواْ أَوْلاَدَكُمْ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِذَا سَلَّمْتُم مَّا آتَيْتُم بِالْمَعْرُوفِ وَاتَّقُواْ اللّهَ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ{233

3. ومن أعظم حقوقها: المعاشرة بالمعروف وتكون بالتالي:

حسن الخلق معها، فعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « أَكْمَلُ الْمُؤْمِنِينَ إِيمَانًا أَحْسَنُهُمْ خُلُقًا ». رواه أبو داود بسند حسن صحيح.

ومن حسن الخلق أن تحترم رأيها وأن لا تهينها. ومن حسن الخلق إذا صدر منك الخطأ أن تعتذر منها كما تحب أنت أن تعتذر منك إذا أخطأت عليك، وهذا لا يغض من شخصك أبداً، بل يزيدك مكانة ومحبة عندها.

ومنها التغاضي وعدم تعقب الأمور صغيرها وكبيرها، وعدم التوبيخ والتعنيف في كل شيء. فعن أَنَسٍ: قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، أَحْسَنَ النَّاسِ خُلُقًا وَكَانَ لِي أَخٌ يُقَالُ لَهُ أَبُو عُمَيْر، وقال أحبه فَطِيمٌ وَكَانَ إِذَا جَاءَ قَالَ: يَا أَبَا عُمَيْرٍ، مَا فَعَلَ النُّغيْرُ نُغَرٌ كَانَ يَلْعَبُ بِه. أخرجه البخاري

وعن أَنَسٍ قَالَ: مَا مَسِسْتُ دِيبَاجاً وَلاَ حَرِيراً ألْيَنَ مِنْ كَفِّ رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، وَلاَ شَمَمْتُ رَائِحَةً قَطُّ أطْيَبَ مِنْ رَائِحَةِ رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، وَلَقَدْ خدمتُ رسول اللهِ - صلى الله عليه وسلم - عَشْرَ سنين، فما قَالَ لي قَطُّ: أُفٍّ، وَلاَ قَالَ لِشَيءٍ فَعَلْتُهُ: لِمَ فَعَلْتَه ؟ وَلاَ لشَيءٍ لَمْ أفعله: ألاَ فَعَلْتَ كَذا ؟ متفقٌ عَلَيْهِ.

ومنها أن يشاركها في خدمة بيتها إن وجد فراغاً. فعن الأَسْوَدِ بن يَزيدَ، قَالَ: سُئِلَتْ عائشةُ رضي الله عنها مَا كَانَ النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - يَصْنَعُ فِي بَيْتِهِ ؟ قالت: كَانَ يَكُون في مِهْنَةِ أهْلِهِ - يعني: خِدمَة أهلِه - فإذا حَضَرَتِ الصَّلاَةُ، خَرَجَ إِلَى الصَّلاَةِ. رواه البخاري.

حكم مساعدة الزوجة لزوجها من مالها؟

من الأحكام الفقهية أن الزوج مسئول عن نفقـات البيــــت وتوفيـــــر الحاجات الأصلية للمعيشة من طعام وشراب وملبس ومأوى وعــلاج وتعليم في ضوء استطاعته، ودليل ذلك من القرآن الكريـم قــــــول الله تبارك وتعالى: ' الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَــــى النِّســَاءِ بِمَـــــا فَضَّــــلَ اللَّهُ  بَعْضَهُـــــمْ عَلَـى َبعْضٍ  وَبِمَا أَنفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ' (النســــــــاء:34)، وقوله سبحانه وتعالى:' لِيُنفِقْ ذُو سَعَـةٍ مِّن سَعَتِهِ وَمَن قُدِرَ عَلَيــــــْهِ رِزْقُــــهُ فَلْيُنفِقْ مِمَّا آتَاهُ' (الطلاق:7).

وإذا احتاج الزوج إلى مال يمكن للزوجــــــة أن تساعده من مالهــا الخــاص وبطيــــب نفـــس، وذلك في حــــــالات العسر والضــــــيق والشدة وما في حكمهــا فهـذا واجب ويدخل في نطــاق تقويــة ميثـــاق الزوجية وقيم الود والحـــب والرحمة، يقول الله تعالـــى:' وَأُوْلــُوا الأَرْحَـــامِ بَعْضُهُـــمْ أَوْلَـــــى بِبَعْــــــضٍ فِــــي كِتَـــــابِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بِكُـــــلِّ شَــــــــيْءٍ عَلِيــــــــــمٌ '(الأنفال:75)، ويعتبـر الزوج والأولاد مــــــن ذوي القربـــى وأولــى بالمعروف

ويجب أن تستشعر الزوجة أنها مُثابة بإذن الله على كـرم صنعيهــــا كما يجب أن تحافظ على قـــوامة الـــزوج ولا تسبــب له أي مســـــاس بالكرامة سواء بالـمــنِّ أو الأذى، ويمكـــن أن تكـــون هذه المســاعدة في صورة هبة أو هدية أو على سبيل القرض الحسن الذي يُرد لها عند انفراج الأزمة.

والخلاصة أنه لا يجوز للزوج أن يكره زوجته على دفع الراتب أو شيء منه ولها أن تساعده إحسانا لا إلزاما وعلى الزوج أن يتقي الله ولا يتحدى حدوده. والله أعلى وأعلم.

           الشيخ عبد الباري بن محمد خلة

 

 

الأكثر مشاهدة


لقمة الزقوم والقلاش ذوق الطعام من البضاعة قبل الشراء

الورع

الغفلة

الاشتراك في القائمة البريدية