الشيخ عبد الباري بن محمد خلة | مقالات | مراعاة شعور الزوجة

اليوم : الخميس 23 شوَّال 1445 هـ – 02 مايو 2024م
ابحث في الموقع

مراعاة شعور الزوجة

الحمد لله وكفى وسلام على عباده الذين اصطفى وبعد:

فالنساء كائنات رقيقه فعن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فِي سَفَرٍ، وَكَانَ مَعَهُ غُلاَمٌ لَهُ أَسْوَدُ، يُقَالُ لَهُ أَنْجَشَةُ، يَحْدُو فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: وَيْحَكَ يَا أَنْجَشَةُ رُوَيْدَكَ بِالْقَوَارِيرِ. رواه البخاري.

وتركيبة المرأة النفسية تختلف عن تركيبة الرجل وكثير من الرجال لا يدرك ذلك الأمر الذي يؤدى إلى عدم فهمهم لنفسية المرأة، فتتعرض للكثير من الأزمات النفسية لأن نفسية المرأة حساسة وهشة.

وإذا تفهم الرجل نفسية المرأة فإنه يستطيع أن يحافظ على اتزانها النفسى والانفعالى.

وعلى الرجل أن يحترم زوجته ولا ينتقدها أمام الناس، ولا يقلل من قيمتها لأن المرأة تحب أن ترى زوجها متفهما لنفسيتها ولأحوالها من حيث حزنها وفرحها.

والمراة لها حقوق كثيرة على زوجها ومنها ما هو مادي ومنها ما هو معنوي:  كالمهر والنفقة والعدل والمحافظة على شعورها وغير ذلك من حقوق.

وأتكلم عن الحق الأخير وهو إساس الزوج بزوجته والشعور بها:

فعلى الزوج أن يحترم زوجته فلا يرميها بالعيوب التى تكره ذكرها خلقية كانت أو خُلقية كالقصر والدمامة أو الكسل وكثرة النوم.

فلا يظهر لها نفورا وكرها إذا كانت عقيمة أو مريضه فالعقم والمرض من الله فلا تعترض ولا تذم وحافظ على شعورها لأنها تحرص على إرضائك.

فاحترم شعورها فلا تذكر محاسن غيرها أمامها لتغيظها وخاصة إذا كان الخصم هو ضرتها التى تنازعها حب الزوج فعن عَائِشَةَ، قَالَتْ: مَا غِرْتُ عَلَى أَحَدٍ مِنْ نِسَاءِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، مَا غِرْتُ عَلَى خَدِيجَةَ، وَمَا رَأْيْتُهَا وَلكِنْ كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يُكْثِر ذِكْرَهَا وَرُبَّمَا ذَبَحَ الشَّاةَ ثُمَّ يُقَطِّعُهَا أَعْضَاءً، ثُمَّ يَبْعَثُهَا فِي صَدَائِقِ خَدِيجَةَ؛ فَرُبَّمَا قُلْتُ لَهُ: كَأَنَّهُ لَمْ يَكنْ فِي الدُّنْيَا امْرَأَةٌ إِلاَّ خَدِيجَةُ فَيَقُولُ: إِنَّهَا كَانَتْ، وَكَانَتْ، وَكَانَ لِي مِنْهَا وَلَدٌ. رواه البخاري

 وعلى الزوج أن يحفظ سرها ولا يفشيه فإنها تكره ذلك فعن أبي سَعِيدٍ الْخُدْرِيّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّ مِنْ أَشَرِّ النَّاسِ عِنْدَ اللَّهِ مَنْزِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ الرَّجُلَ يُفْضِي إِلَى امْرَأَتِهِ وَتُفْضِي إِلَيْهِ ثُمَّ يَنْشُرُ سِرَّهَا. رواه مسلم

وعن أَسْمَاء بِنْت يَزِيدَ، أَنَّهَا كَانَتْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَالرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ قُعُودٌ عِنْدَهُ، فَقَالَ: 'لَعَلَّ رَجُلاً يَقُولُ مَا يَفْعَلُ بِأَهْلِهِ، وَلَعَلَّ امْرَأَةً تُخْبِرُ بِمَا فَعَلَتْ مَعَ زَوْجِهَا، فَأَرَمَّ الْقَوْمُ. فَقُلْتُ: إِى وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّهُنَّ لَيَقُلْنَ، وَإِنَّهُمْ لَيَفْعَلُونَ، قَالَ: 'فَلاَ تَفْعَلُوا، فَإِنَّمَا مِثْل ذَلِكَ مِثْلُ شَّيْطَانِ لَقِىَ شَيْطَانَةً فِى طَرِيقٍ، فَغَشِيَهَا وَالنَّاسُ يَنْظُرُونَ. رواه أحمد بسند ضعيف وله شواهد

ومن المحافظة على شعور الزوجة السلام عليها عند دخول البيت فإن ذلك يؤنسها فعن أنس رضي اللّه عنه قال: قال لي رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: ' يا بُنَيَّ إذَا دَخَلْتَ على أهْلِكَ فَسَلِّمْ تَكُنْ بَرَكَةً عَلَيْكَ وعلى أهْلِ بَيْتِكَ ' رواه الترمذي بسند حسن صحيح وضعفه الألباني.

ولا بد للزوج الصالح أن يتحمل أذى زوجته ولا يضربها إلا بقصد التأديب غير مبرح.

وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يعرف متى تكون عائشة راضية ومتى تكون غضبى وكان يخبرها عن ذلك فعن عَائِشَةَ قَالَتْ: قَالَ لِي رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: إِنِّي لأَعْلَمُ إِذَا كُنْتِ عَنِّي رَاضِيَةً، وَإِذَا كُنْتِ عَلَيَّ غَضْبَى قَالَتْ، فَقُلْتُ: مِنْ أَيْنَ تَعْرِفُ ذلِكَ فَقَالَ: أَمَّا إِذَا كُنْتِ عَنِّي رَاضِيَةً فَإِنَّكِ تَقُولِينَ: لاَ، وَرَبِّ مُحَمَّدٍ وَإِذَا كُنْتِ غَضْبَى، قلْتِ: لاَ، وَرَبِّ إِبْرَاهِيمَ قَالَتْ قلْتُ: أَجَلْ وَاللهِ يَا رَسُولَ اللهِ مَا أَهْجُرُ إِلاَّ اسْمَكَ. رواه البخاري

مِنْ فَوَائِد هذا الحديثِ:

1.    مِنْ فِطنَة الرَّجُل، ويقظة إحسَاسه استقراؤه لحال زوجته، من فعلها وقولها وحركاتها، فيما يتعلَّق بالميل إليه وعدمه، والحكم بما تقتضيه القرائن.

2.    غضب عائشَة – رضي الله عنها - على النبي صلى الله عليه وسلم لفرط غيرتها عليه، أو لعوارض الحياة اليومية مما لا حرج فيه

3.    في ذكر عائشة رضي الله عنها لنبي الله إبراهيم عليه الصلاة والسَّلام دون غيره دلالة على فطنتها وذكائها لأن أولى الناس به نبينا محمد صلى الله عليه وسلم

4.    قولها: ما أَهْجُرُ إلاّ اسْمَكَ تترك التسمية اللفظية وتعبر عنها بالهجران وتتألم من ذلك حيث لا اختيار لها فيه.

5.    قال ابن بَطّال – رحمه الله -: فيه الصَّبر على النساء وما يبدو منهن من الجفاء، والحرج عند الغيرة، لما جبلن عليه منها، وأنهن لا يملكنها، فعفي عن عقوبتهن على ذلك.. وعذرهن الله فيه.

6.    لعلها تذكر ذلك ليلتفت إليها الحبيب عليه السلام وذلك أنها لا تتحمل البعد عنه فتلجأ لذلك فيحن عليها النبي ويرحمها ويحس بها ويصالحها وفي ذلك تتجلى كل الرحمة والإحساس بالزوجة الضعيفة ولنا في رسول الله الأسوة الحسنة

وقد ذهب رجل إلى عمر يشكو خلق امرأته، فوقف ببابه ينتظر خروجه فسمع امرأته تستطيل عليه بلسانها وهو ساكت، فانصرف الرجل قائلاً:  إن كان هذا أمير المؤمنين مع زوجته فكيف حالى؟  فخرج عمر فرآه مولياً، فناداه وقال:  (يا هذا ما حاجتك؟؟  فقص عليه الرجل ما كان.  فقال له عمر ناصحاً:  يا هذا إنى أحتملها لحقوق لها علىٌ، إنها طباخة لطعامى، خبازة لخبزى، مرضعة لولدى، ويسكن بها قلبى عن الحرام.  فقال الرجل:  وكذلك زوجتى يا أمير المؤمنين، فقال عمر:  إذاً فاحتملها فإنها مدة يسيرة.

وإذا رأى الزوج من زوجته ما يغضبه فعليه أن يغلق باب المناقشة معها ولو ترك المكان قليلا لكان أولى فعن سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ: جَاءَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، بَيْتَ فَاطِمَةَ، فَلَمْ يَجِدْ علِيًّا فِي الْبَيْتِ فَقَالَ: أَيْنَ ابْنُ عَمِّكِ قَالَتْ: كَانَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ شَيْءٌ، فَغَاضَبَنِي، فَخَرَجَ، فَلَمْ يَقِلْ عِنْدِي فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم لإِنْسَانٍ: انْظُرْ أَيْنَ هُوَ فَجَاءَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ هُوَ فِي الْمَسْجِدِ رَاقِدٌ فَجَاءَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وَهُوَ مُضْطَجِعٌ، قَدْ سَقَطَ رِدَاؤُهُ عَنْ شِقِّهِ، وَأَصَابَهُ تُرَابٌ فَجَعَلَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَمْسَحُهُ عَنْهُ، وَيَقُولُ: قُمْ أَبا تُرَابٍ قُمْ أَبَا تُرَابٍ. أخرجه البخاري 

والحمد لله أولا وآخرا

              الشيخ عبد الباري بن محمد خلة

الأكثر مشاهدة


لقمة الزقوم والقلاش ذوق الطعام من البضاعة قبل الشراء

الورع

الغفلة

الاشتراك في القائمة البريدية