الحمد لله وكفى، وسلام على عباده الذين اصطفى، وبعد:
فعن عائشة رضي الله عنها قَالَتْ: {نِعْمَ النِّسَاءُ نِسَاءُ الأَنْصَارِ لَمْ يَمْنَعْهُنَّ الحَيَاءُ أَنْ يَتَفَقَّهْنَ فِي الدِّينِ} [رواه البخاري ومسلم].
بداية أقول بارك الله فيك أيتها الفتاة الكريمة، وزادك الله حرصا على أمور دينك، وأكثر الله من أمثالك، وأشكرك على جرأتك في طلب الحق، فلا حياء في التفقه في الدين، وسأشرح كيفية الغسل سواء للحيض أم للجنابة أم للميت وسواء للرجل أم للمرأة.
عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ أَبِي عَلْقَمَةَ، عَنْ أُمِّهِ، مَوْلاَةِ عَائِشَةَ زَوْج النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيه وَسَلم، أَنَّهَا قَالَتْ: كَانَ النِّسَاءُ يَبْعَثْنَ إِلَى عَائِشَةَ - رضي الله عنها - زَوْج النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيه وَسَلم بِالدِّرَجَةِ فِيهَا الْكُرْسُفُ، فِيهِا الصُّفْرَةُ فَتَقُولُ: لاَ تَعْجَلْنَ حَتَّى تَرَيْنَ الْقَصَّةَ الْبَيْضَاءَ، تُرِيدُ بِذَلِكَ الطُّهْرَ مِنَ الْحَيْضَ. [رواه مالك في الموطأ بسند صحيح]
وعَنْ عَائِشَةَ: {أَنَّ أَسْمَاءَ سَأَلَتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ غُسْلِ الْمَحِيضِ؟ قَالَ: ' تَأْخُذُ إِحْدَاكُنَّ مَاءَهَا وَسِدْرَتَهَا فَتَطَهَّرُ، فَتُحْسِنُ الطُّهُورَ، ثُمَّ تَصُبُّ عَلَى رَأْسِهَا فَتُدَلِّكُهُ دَلْكًا شَدِيدًا حَتَّى يَبْلُغَ شُؤُونَ رَأْسِهَا، ثُمَّ تَصُبُّ عَلَيْهَا الْمَاءَ، ثُمَّ تَأْخُذُ فِرْصَةً مُمَسَّكَةً فَتَطَهَّرُ بِهَا ' قَالَتْ أَسْمَاءُ: وَكَيْفَ تَطَهَّرُ بِهَا؟ قَالَ: ' سُبْحَانَ اللهِ، تَطَهَّرِي بِهَا ' فَقَالَتْ عَائِشَةُ كَأَنَّهَا تُخْفِي ذَلِكَ: تَتَبَّعِي أَثَرَ الدَّمِ}. [رواه مسلم]
وعَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: {كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا اغْتَسَلَ مِنْ الْجَنَابَةِ يَبْدَأُ فَيَغْسِلُ يَدَيْهِ ثُمَّ يُفْرِغُ بِيَمِينِهِ عَلَى شِمَالِهِ فَيَغْسِلُ فَرْجَهُ ثُمَّ يَتَوَضَّأُ وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ ثُمَّ يَأْخُذُ الْمَاءَ فَيُدْخِلُ أَصَابِعَهُ فِي أُصُولِ الشَّعْرِ حَتَّى إِذَا رَأَى أَنْ قَدْ اسْتَبْرَأَ حَفَنَ عَلَى رَأْسِهِ ثَلَاثَ حَفَنَاتٍ ثُمَّ أَفَاضَ عَلَى سَائِرِ جَسَدِهِ ثُمَّ غَسَلَ رِجْلَيْهِ} [رواه مسلم].
وخلاصة الأمر أن الواجب في الغسل تعميم جميع البدن حتى ما تحت الشعر، فإذا وصل الماء إلى جميع أجزاء البدن كان ذلك هو المطلوب.
وأفصل فأقول عليك أيتها الفتاة أن تنظري انقطاع دم الحيض (الدورة أو العادة الشهرية) كما يُقال بأن تأخذي قطعة من القطن أو القماش، وتضعيها في مكان نزول الدم لتنظري هل بقي شيء من أثر الدم، أو لم يبق شيء، فإذا لم يوجد شيء من الدم، فذلك دليل النقاء، وعندها يجب الغسل كما يلي:
اغسلي محل خروج الدم وهو الفرج بماء وصابون ذي رائحة طيبة، ثم اغسلي مكان خروج الغائط وهو الدبر، ثم اغسلي رأسك، وعمميه بالماء ثم أفيضي الماء أي ضعي الماء على باقي جسدك ودلكيه جيدا، فلو وقفت تحت ما يسمى بالدش أو صنبور الماء، وجاء الماء على جميع الجسم فقد صح الغسل، ثم من السنة الوضوء إما قبل الغسل، أو أثناءه، أو بعده لكن لو وصل الماء إلى جميع الجسم من غير وضوء صح الغسل، وبذلك تكونين قد طهرت من الحيض، والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل، والله أعلى وأعلم.
الشيخ عبد الباري بن محمد خلة