الشيخ عبد الباري بن محمد خلة | مقالات | العبادات التي تؤدى عن الآخرين والذي يؤدي عبادة عن غيره

اليوم : الأحد 11 ذو القعدة 1445 هـ – 19 مايو 2024م
ابحث في الموقع

العبادات التي تؤدى عن الآخرين والذي يؤدي عبادة عن غيره


الحمد لله وكفى وسلام على عباده الذين اصطفى وبعد:

فيجوز للمسلم أن ينيب عنه غيره بأداء بعض العبادات كذبح الأضحية والعقيقة وتوزيع الزكاة على الفقراء وكذا الكفارات.

أما أداء العبادات القلبية أو البدنية كالصلاة والحج والصيام وقراءة القرآن وغيرها ففيه تفصل:

1.              لا تجوز النيابة في العبادات القلبية كالإيمان والتوحيد والنية

2.              النيابة في الصلاة:

اتفق الفقهاء على عدم صحة النيابة في الصلاة عن الحي، صحيحا كان أم مريضا؛ لأن النيابة تتنافى مع مقصود العبادة من خضوع وتذلل لله، قال اللَّه تَعَالَى: {وَأَنْ لَيْسَ لِلإِنْسَانِ إِلاَّ مَا سَعَى}.

3.              النيابة في الزكاة:

والتوكيل في توزيع الزكاة جائز كما سبق لكن إخراجها عن الحي من غير إذن لا تجوز؛ لأن الزكاة واجبة في مال الشخص نفسه، وهي عبادة تحتاج إلي نية.

4.              النيابة في الصيام:

لا تصح النيابة في الصيام عن الحي.

أما عن الميت فالراجح أنه يصح إن مات وهو قادر على الصيام لكنه لم يفعل فعن ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ إِنَّ أُمِّي مَاتَتْ وَعَلَيْهَا صَوْمُ شَهْرٍ، أَفأَقْضِيهِ عَنْهَا قَالَ: نَعَمْ قَالَ: فَدَيْنُ اللهِ أَحَقُّ أَنْ يُقْضى.

رواه البخاري.

وعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ جَاءَتْ امْرَأَةٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ أُمِّي مَاتَتْ وَعَلَيْهَا صَوْمُ نَذْرٍ أَفَأَصُومُ عَنْهَا قَالَ أَرَأَيْتِ لَوْ كَانَ عَلَى أُمِّكِ دَيْنٌ فَقَضَيْتِيهِ أَكَانَ يُؤَدِّي ذَلِكِ عَنْهَا قَالَتْ نَعَمْ قَالَ فَصُومِي عَنْ أُمِّكِ. رواه مسلم.

5.              النيابة في الحج

الراجح من أقوال أهل العلم أن الحج لا تجوز النيابة فيه عن الحي إلا إذا كان مريضا مرضا لا يستطيع به الحج أو شيخا لا يثبت على الراحلة أو مسجونا مدة طويلة غلب على الظن أنه لا يتمكن من الحج طيلة حياته.

وتجوز النيابة في الحج عن الميت في أرجح أقوال العلم فعن ابْن عَبَّاسٍ أَنَّ امْرَأَةً مِنْ خَثْعَمَ قَالَتْ: يَا رَسُول اللَّهِ إِنَّ فَرِيضَةَ اللَّهِ عَلَى عِبَادِهِ فِي الْحَجِّ أَدْرَكَتْ أَبِي شَيْخًا كَبِيرًا لاَ يَسْتَطِيعُ أَنْ يَثْبُتَ عَلَى الرَّاحِلَةِ أَفَأَحُجُّ عَنْهُ ؟ قَال: نَعَمْ. رواه البخاري.

وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ قَال لِرَجُلٍ: أَرَأَيْتُكَ لَوْ كَانَ عَلَى أَبِيكَ دَيْنٌ، فَقَضَيْتَهُ عَنْهُ قُبِل مِنْكَ ؟ قَال: نَعَمْ، فَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: فَاللَّهُ أَرْحَمُ. حُجَّ عَنْ أَبِيكَ. رواه أحمد بسند صحيح. 

ويجوز للمسلم أن يؤدي العبادة عن أخيه المسلم إذا أوصى قبل موته بذلك أو مات قادرا وله مال فمن ماله يجب على الحي أن يؤدي تلك العبادة عنه أو كان مريضا لا يستطيع السفر فيجوز للمسلم أن يحج من مال هذا المريض أو كان شيخا زمنا لا يستطيع الوصول إلى بيت الله الحرام.

وشرط صحة ذلك أن يكون الشخص قد حج عن نفسه أولا.

وإذا حج المسلم عن أخيه أو قريبه فينوي عنه غير أن الأجر والثواب يطال الوكيل أيضا لأن الإنسان يؤجر رغما عنه والله تعالى يقول: {إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا (30) } الكهف: 30.

وإذا لم يوجد من يحج عن الميت فيجوز أن يستأجر من يحج عنه بمال معلوم ولا حرج في ذلك لأن الحج فيه كلفة ونفقة ومشقة.

وهكذا فإن الدين يسر وقد رفع الله الحرج عن الأمة فمن استطاع أداء العبادة بنفسه فلا يجوز أن ينيب عنه غيره وإن تعذر عليه أداء العبادة بنفسه جاز له أن ينيب عنه غيره في بعض العبادات وهذا من يسر الدين وسماحته.

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبيه محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

الشيخ عبد الباري بن محمد خلة

 

الأكثر مشاهدة


لقمة الزقوم والقلاش ذوق الطعام من البضاعة قبل الشراء

الورع

الغفلة

الاشتراك في القائمة البريدية