الحمد لله وكفى وسلام على عباده الذين اصطفى وبعد:
فيقول الله تعالى: ﴿قُلْ لّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّواْ مِنْ أَبْصَـٰرِهِمْ وَيَحْفَظُواْ فُرُوجَهُمْ ذٰلِكَ أَزْكَىٰ لَهُمْ إِنَّ ٱللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ وَقُل لّلْمُؤْمِنَـٰتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَـٰرِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ﴾
ويقول الله تعالى: ﴿وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى﴾ قال ابن كثير: أي: الْزَمْن بُيُوتكن فلا تخرجن لغَيْر حاجة.
تعريف الاختلاط:
اجتماع الرجال بالنساء من غير حشمة وضوابط وأحيانا يكون التزاحم بالأبدان.
والاختلاط من كبائر الذنوب وقد جاءت الآيات الكثيرة والأحاديث لتدل على تحريم الاختلاط بل وتحريم الأسباب المفضية إليه كتحريم الدخول على الأجنبيات والخلوة بهن، وتحريم سفر المرأة بدون محرم، وتحريم النظر من الجنس للجنس الآخر
وكذا تحريم المصافحة وكل ذلك من أجل المحافظة على الجنسين.
ومن القواعد المقررة أن الله إذا حرّم شيئاً حرم الوسائل المفضية إليه، فقال الله تعالى: ﴿وَلاَ تَقْرَبُواْ ٱلزّنَىٰ إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاء سَبِيلاً﴾ فالنهي هنا عن قربان الزنا أبلغ من النهي عن فعله،
والاختلاط في الإسلام ممقوت وقد حذر منه الإسلام لما فيه من مخاطر وليس هذا سوء ظن بالمرأة بقدر ما هو حفاظ عليها واحترام لها وعليه فلا يجوز اختلاط الشباب والفتيات في كان واحد
فعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: « إن الدنيا حلوة خضرة، وإن الله مستخلفكم فيها فناظر كيف تعملون، فاتقوا الدنيا واتقوا النساء، فإن أول فتنة بني إسرائيل كانت في النساء » رواه مسلم .
وعن عُقْبَةَ بن عَامِرٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قال ' إِيَّاكُمْ وَالدُّخُولَ على النِّسَاءِ فقال رَجُلٌ من الْأَنْصَارِ يا رَسُولَ اللَّهِ فرأيت الْحَمْوَ قال الْحَمْوُ الْمَوْتُ ' رواه الشيخان
والحمو: هو قريب الزَّوج شبَّهه النبي صلى الله عليه وسلم بالموت لخطورته وتساهُل الناس فيه.
والاختلاط يسبب مفاسد كثيرة في المجتمع، منها:
1. إشاعة الفاحشة وانتهاك الأعراض، فهو يحرّك في النفس كوامن الشر، يقول ابن القيم رحمه الله: 'واختلاط الرجال بالنساء سبب لكثرة الفواحش والزنا'.
2. كثرة أبناء الزنا.
3. الشذوذ والانحراف.
4. يصرف شبابَ الأمة عن المهمات العظيمة، ويحوّل المجتمع إلى لهو ومجون مما يودي به إلى الهلاك.
وعلى الشباب والفتيات أن يتقوا الله في أنفسهم ومجتمعاتهم وأن يبتعدوا عن الحرام بل وعن الشبهات ومن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه.
الشيخ عبد الباري بن محمد خلة